من علامة الإعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل
الإعتماد على الله تعالى نعت العارفين الموحدين ، والإعتماد على غيره وصف الجاهلين الغافلين كائنا ما كان ذلك الغير حتى علومهم وأعمالهم وأحوالهم . أما العارفون الموحدون فإنهم على بساط القرب والمشاهدة ناظرون إلى ربهم ، فانون عن أنفسهم ؛ فإذا وقعوا في زلة أو أصابتهم غفلة ، شهدوا تصريف الحق تعالى لهم ، وجريان قضائه عليهم .
كما أنهم إذا صدرت عنهم طاعة ، أو لاح عليهم لائح من يقظة ، لم يشهدوا في ذلك أنفسهم ، ولم يروا فيها حولهم ولا قوتهم ؛ لأن السابق إلى قلوبهم ذكر ربهم ، فأنفسهم مطمئنة تحت جريان أقداره ، وقلوبهم ساكنة بما لاح لها من أنواره ، ولا فرق عندهم بين الحالين ؛ لأنهم غرقى في بحار التوحيد ، قد استوى خوفهم ورجاؤهم ، فلا ينقص من خوفهم ما يجتنبونه من العصيان ، ولا يزيد في رجائهم ما يأتون به من الإحسان .
وأما غيرهم فبقوا مع نفوسهم في نسبة الأعمال والأفعال إليها ، وطلب الحظ لها وعليها ؛ فاعتمدوا على أعمالهم وسكنوا إلى أحوالهم ، فإذا وقعوا في زلة نقص بذلك رجاؤهم ، كما أنهم إذا عملوا طاعة جعلوها من أعظم عددهم وأقوى معتمدهم ، فتعلقوا بالأسباب وحجبوا بتصرفهم بها عن رب الأرباب ؛ فمن وجد هذه العلامة في نفسه فليعرف منزلته وقدره ، ولا يتعد طوره ، فيدعى مقامات الخاصةمن المقربين ، وإنما هو من عامة أصحاب اليمين .
المصدر : شرف صدقي ، الفتوحات الربانية مختصر غيث المواهب العلية

0 Response to "من علامة الإعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل"
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.